اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
الافتراق والاختلاف
7022 مشاهدة
إفطار المحتجم الذي أخرج منه الدم بالحجامة

أما مسألة الحجامة: هل تُفَطِّرُ أم لا؟ فالإمام أحمد هو الذي ذهب إلى أن الحجامة تُفَطِّرُ، وخالفه الأئمة الآخرون، وقالوا: لا يُفْطِرُ بالحجامة، وأكثرهم يقولون: إن الإفطار إنما هو في الداخل لا في الخارج. فقالوا: الحجامة شيءٌ خارجٌ، فلا يُفْطِرُ مَنْ أَخْرَجَ هذا الدم، كما لا يُفْطِرُ مَنْ بال، أو تغوط، أو خرج منه دمع أو عرق أو نُخَام أو ريق أو ما أشبه ذلك، فهذا قياسهم، واستدلوا بالحديث الذي فيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- احتجم وهو صائم مُحْرِمٌ .
هكذا رُوِيَ الحديث الذي استدلوا به، وهو حديث مَرْوِيٌّ في الصحيح، ولكن نظرنا في هذا الحديث، وإذا هو مَرْوِيٌّ عن ابن عباس وجميع أو أكثر أَخَصّ تلامذة ابن عباس الذين اختصوا بروايته -بالرواية عنه- لم يذكروا الصيام؛ وإنما اقتصروا على الإحرام، فقالوا: احتجم وهو مُحْرِمٌ، ولم يَذْكُر الصيامَ إلا بعضهم ممن ليسوا متخصصين بابن عباس ؛ فدل على أن الثابت عنه قوله: احتجم وهو مُحْرِمٌ.
وإذا قلنا: إنه احتجم وهو مُحْرِمٌ صائم؛ فإنه معذور؛ وذلك لأنه ما أحرم وهو مقيم بالمدينة ؛ إنما أحرم وهو مسافر بين المدينة وبين مكة وإذا كان مسافرا؛ فإن المسافر له عُذْرٌ في أن يُفْطِر؛ لقوله تعالى: وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ فهو قد أَفْطَرَ لأجل السفر، ويمكن –أيضا- أنه أحس بألم احتاج معه إلى الحجامة فاحتجم.
إذاً.. فالحجامة لم تَثْبُتْ إلا في السفر، أو لم تثبت عنه؛ إلا وهو مُحْرِمٌ، أو نحو ذلك. ثم الدليل على أنها تُفَطِّرُ الحديث المشهور أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: أفطر الحاجم والمحجوم وأنه مَرَّ على اثنين وهما يحتجمان؛ أحدهما يحجم الآخر، فقال: أفطر الحاجم والمحجوم قالوا: إن هذا الحديث رواه ثلاثة عشر صحابيا... وبالتَّتَبُّع وُجِدَ أنهم وصلوا إلى سبعة عشر صحابيا؛ ولو كان طرقها فيها مقال، أو بعضها فيه ضعف، أو بعضها ضعيف جدا؛ ولكن مجموعها وكثرتها، وتعدد طُرُقِهَا يدل على أنها لها أصل؛ ولأجل ذلك ألحقوه بالمتواتر.
إذاً.. فنحن نختار أن الحجامة تُفَطِّرُ الصائم، ويُلْحَقُ بها –أيضا- في هذا الزمان: إخراج الدم الذي هو التبرع، إذا تبرع بدم لغريب فإنه يلحق بالحجامة ؛ لكونه كثيرا، واتفقوا أو أجمعوا على أن خروج الدم من المرأة -دم الحيض أو دم النفاس- أنه يُفَطِّرُ؛ إذا حاضت أو نفست وخرج منها هذا الدم؛ فإنه يُفَطِّرُ، ولا يصح أن تصوم وهي حائض أو نفساء.
فكذلك الرجل إذا أخرج منه هذا الدم بالحجامة أو بالتبرع. وهكذا -أيضا- إذا أُخِذَ من التحليل الكثير، إذا أخذ منه دم للتحليل؛ ولكن صار مثلا كثيرا بأن أخذ منه ملء البرواز مرتين أو ثلاثا فمثل هذا يُلْحَقُ بالحجامة؛ فنقول: إن هذا –أيضا- يُفَطِّرُ. أما إذا كان شيئا يسيرا؛ فإنه لا يُفَطِّرُ، إذا كان ملء البرواز أو نصفه أو نحو ذلك، فهذا مما يُتَسَامَحُ فيه.